القائمة الرئيسية

الصفحات

حقائق لا تعرفها عن العادة السريّة


يشغل هذا الموضوع بال الكثيرين من الشباب، بل والناس جميعاً، خصوصاً المتديِّنون منهم، كما يشغل بال كل مقدِّمي الرعاية للشباب والمراهقين. لذلك تأتينا رسائل عديدة تسأل أسئلة مثل: ما هو “رأي الدين” في العادة السرّية؟ هل هي ذنب من الذنوب؟ وهل تشكِّل مشكلة “روحية” أو دينية؟ أم هي مجرد ممارسة للتخلُّص من الضغط الجنسي؟ هل هي مضرَّة جسدياً؟ هل مضرَّة نفسياً؟ هل تُعتبر إدماناً أم لا؟ كيف يمكن الإقلاع عن العادّة السرية؟ وهل هذا ممكن بالنسبة لشاب غير متزوج؟ أو لرجل أعزب أو امرأة منفصلة؟
في الواقع لا توجد إجابة بسيطة ومباشرة عن كل هذه الأسئلة. فالعادة السرية، في رأينا، يمكن أن تكون كل هذا، وذلك يتوقف على عدة عوامل.
من الممكن أن تكون العادة السرية مشكلة روحية، ومن الممكن أن تكون مجرد ممارسة ميكانيكية للتخلُّص من الضغط والتوتر الجسدي والنفسي. من الممكن أيضاً أن تكون مضرَّة نفسياً واجتماعياً وزواجياً ومن الممكن أيضاً أن تصبح إدماناً. كل هذا يتوقف على بضعة نقاط، سنحاول أن نذكرها بالتفصيل آملين أن يلقي هذا مزيداً من الضوء على هذه الممارسة المثيرة للجدل.
أولا: هل العادة السرية ذنب أو خطية؟ وهل من الممكن أن تشكل مشكلة روحية بين الإنسان المتديِّن والله؟
بالطبع هذا ممكن وبالذات عندما يُصاحب العادة السرّية تخيُّل لممارسة جنسية مع امرأة، سواء كانت امرأة يعرفها الشخص الممارس، أو من خلال صورة لامرأة لا يعرفها. والمشكلة الروحية هنا ناتجة من كون ذلك الإنسان “يستخدم” جسد امرأة فقط لإشباع رغبته الجنسية دون أن يضع أي اعتبار لكونها إنسانة متكاملة روحاً ونفساً وجسداً، أي أنه يختزل إنساناً كَرَّمه الله، إلى شيء يستخدمه لإشباع جوعه الجنسي، حتى لو كان ذلك في الخيال فقط. الخيال والتفكير جزء هام وحيوي من الإنسان. وإن كنّا هنا نتكلم عن الدين، الذي هو علاقة روحية مع الله، فهذه العلاقة تتم من خلال الفكر والخيال. وبالمثل، فإن من يزني بخياله، فقد زنى بجزء من كيانه لا يقلّ عن جسده، إن لم يزد. فالأعمال بالنيّات أيضاً، وليس بالأجساد فقط.
ثانياً: هل العادة السرّية مضرَّة جسدياً أو نفسياً؟
أولاً نبدأ بالسؤال الأكثر سهولة وهو عن الضرر الجسدي، لنؤكد أنه لا يوجد ضرر جسدي للعادة السرّية وكل ما يقال عن تأثيرها على البصر أو المفاصل أو كل هذا غير صحيح، وهو محاولات ساذجة لتحذير الأطفال والمراهقين منها. أما على الجانب النفسي، فمن الممكن بالطبع أن تكون العادة السرية مضرّة نفسياً، لكونها تكرِّس وتعمِّق صفات العزلة الاجتماعية والانحصار في النفس، لكونها نوع من ممارسة الجنس مع النفس. لقد خلق الله الجنس للتواصل بين الجنسين وخروج الإنسان خارج نفسه نحو الآخر. العادة السرّية والإفراط فيها يجعل الإنسان يعيش في الخيال أكثر مما يعيش في الواقع ويحيا عالماً “افتراضياً” خصوصاً إذا صوحب ذلك بمشاهدة الصور والأفلام الإباحية التي أصبحت الآن متاحة أكثر من أي وقت مضى من خلال الإنترنت. أيضاً ممارسة الزوج للعادة السرّية من الأمور التي تسبب جرحاً نفسياً عميقاً للزوجة وتضر بالعلاقة الزوجية.
وعن دور العادة السرية واستخدام الجنس على الانترنت في زيادة احتمال ممارسة الاعتداءات الجنسية والتحرش الجنسي؛ هناك الكثير من الدراسات، من ضمن هذه الدراسات دراسة مسحيَّة بالسويد عن الشباب الذين يشاهدون المواد الجنسية الإباحية، تمت دراسة حالة 496 مراهق شاهدوا مواد جنسية شديدة (عنيفة، مع حيوانات، مع الأطفال). 97% من الأولاد و 76% من البنات شاهدوا هذه المواد و10% من الأولاد شاهدوها يومياً. عندما وُجِّه إليهم سؤال: “ما هو تأثير هذه المشاهدات عليك؟” 30% من البنات و59% من الأولاد قالوا: “لقد حصلنا من خلال هذه المواد على أفكار من خلالها يمكننا أن نجرب ما شاهدناه.” كما أن 25% من البنات و48% من الأولاد، قالوا أنهم مارسوا بالفعل ما شاهدوه!
ثالثاً: هل من الممكن أن تكون العادة السرية ممارسة بريئة غير ضارة للتخلّص من التوتر الجنسي والجسدي؟
يحتاج الرجال بصورة خاصة إلى التخلّص من السائل المنوي الذي يفرز داخلهم من وقت لآخر. (في هذا المجال من المهم أيضاً أن نذكر أنه كلما يقل معدل الممارسة الجنسية أو ممارسة العادة السرية، كلما تقل بالتبعية كمية السائل المنوي الذي ينتجه الجهاز التناسلي الذي يستشعر تناقص الحاجة إلى هذا السائل، وبالتالي يتناقص الاحتياج للتخلص منه).
بغض النظر عن الحاجة إلى التخلص من السائل المنوي عند الرجال، فإن الإنسان بصفة عامة، رجل أو امرأة يحتاج كل فترة إلى ذلك الاسترخاء الذي يحدث في الجسم كله بسبب إفراز بعض الكيماويات في المخ بعد الوصول لذروة النشوة الجنسية.
لهذه الأسباب فإن الإنسان إذا امتنع عن الممارسة الجنسية لفترة طويلة نسبياً فإن عقله الباطن يخترع لقاءًا جنسياً أثناء النوم (أي في الأحلام) سواء بالنسبة للرجال أو النساء، وهذا ما يسمى بين الرجال “بالاحتلام” أو الأحلام المبتلّة. لكن بعض الناس عموماً لا يحلمون بسهولة، وبالتالي يصلون لدرجة عالية من التوتر الجنسي قبل أن يأتيهم ذلك الحلم. بالنسبة لهؤلاء يمكن ممارسة العادة السرّية بصورة “ميكانيكية” أي بدون تخيلات جنسية للوصول للاسترخاء الجنسي المطلوب. ربما يكون هذا صعباً في البداية وخصوصاً بالنسبة لمن اعتاد ممارسة العادة السرية باستخدام تخيلات أو بالاستعانة بصور جنسية، لكن مع التدريب المستمر، يمكن الوصول إلى ذلك من خلال التركيز في شيء وتوقيف التفكير والتخيُّل لدقائق. من الممكن أيضاً بالنسبة للمتزوجين أن يتخيلوا زوجاتهم أو أزواجهم إذا كانت الممارسة الجنسية غير ممكنة معهم/ معهن، بسبب المرض أو السفر أو أي أسباب أخرى.
رابعًا: هل من الممكن أن تصبح العادة السرية نوع من الإدمان الجنسي؟
بالطبع من الممكن أن تصبح العادة السرية إدمانًا، وذلك عندما تصبح علاقة الإنسان بها علاقة مَرَضية، فالإدمان هو علاقة مَرضية بين الإنسان ومادة أو سلوك أو علاقة. إذاً كيف تصبح علاقة الإنسان بالعادة السرية علاقة مرضية؟
  1. عندما يستخدمها الإنسان في غير وظيفتها. أي للتنفيس عن الغضب أو الألم النفسي أو الوحدة أو الملل. عندما تصبح العادة السرية وسيلة من وسائل التأقلم النفسي مع الحياة، فإن هذا يفتح الباب أمام الإفراط في استخدامها (قد يمارسها البعض لدرجة إحداث جروح بالغة في الأعضاء الجنسية).
  2. عندما يستخدمها الإنسان بصورة قهرية. أي يصبح مقهوراً على استخدامها فيمارسها بالرغم من كونه لا يريد ذلك، وبعد ذلك يشعر بالذنب والعار، الذي بدوره يسبب ضغطاً نفسياً، ثم يحاول الهروب من هذا الضغط النفسي بمزيد من ممارسة العادة السرية وهكذا تتأسس الدائرة المفرغة للإدمان.
كيف يمكن الشفاء من هذا الإدمان؟
في هذه الحالة، يجب أن يتم التعامل مع العادة السرية كأي إدمان من خلال برنامج متكامل للتعافي يتضمن اعترافاً بالعجز أمامها وعدم القدرة على إدارة الحياة بسببها والتسليم لله كقوة عظمى قادرة على استرداد المدمن من عدم صوابه، ثم مراجعة وجرد عيوب الشخصية والاعتراف بها لله ولشخصٍ آخر والطلب من الله بتواضع أن يزيل هذه العيوب التي ربما تكون قد أدت إلى نشوء هذه العلاقة المَرَضية مع العادة السرية أو مع الجنس عموماً. أيضاً يتضمن التعافي علاقات محاسبة مستمرة وطلب للمساعدة في كل مرة تنشأ فكرة استخدام العادة السرية بهذه الطريقة المرضية.
في هذه الحالة، يجب التوقف تماماً عن ممارسة العادة السرية، لفترة طويلة حتى يمكن العودة لممارستها بصورة غير إدمانية، أو ربما التوقف عنها إلى الأبد. (الشعار الذي ترفعه مجموعات مدمني الجنس المجهولين هو: لا جنس مع نفسك أو مع شخص آخر بخلاف شريك الحياة).

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع